الشيء الذي يُلفتُ النّظر في الأحاديث
النبوية الشريفة
أنّ النبي عليه الصلاة والسلام ربَط الإيمان كلّهُ بإكرام
الجا
بل نفى عن الذي لا يأمنُ جارهُ أذاه نفى عنه الإيمان
إذًا كم
هي علاقة هذا الخلق بالإيمان؟
علاقةٌ وشيجة بل هي علاقة ترابطيّة فلو
أُلغِيَت هذه الفضيلة لأُلغيَ الإيمان
حق الجار في القيم الإسلامية
للجار على الجار في القِيَم الإسلاميّة
وفي
الآداب الشرعيّة حقوقٌ تُشبِهُ حقوق الأرحام
وهو الشيء الذي يلفتُ النظر
من هذه الحقوق المواصلة بالزيارة والتهادي
أن يُهْدِيَ كلٌّ منهم الآخر
هديّة تعبيرًا
عن المودّة، والعيادة حين المرض
والمواساة حين المصيبة
والمعونة حين الحاجة وكفّ الأذى
المعاشرة بالمعروف مع الجار
ماذا يفسّر العلماء كلمة المعاشرة بالمعروف
مع الفارق طبعًا ليْسَت المعاشرة بالمعروف
أنْ تمْتَنِعَ أن إيقاع الأذى بل المعاشرة بالمعروف
تعني أن تحْتَمِلَ الأذى وفرْقٌ كبير بين أن
تمتَنِعَ
عن إيقاع الأذى بالجار وبين أن تحْتَمِل الأذى منه
احْتِمال
الأذى المناصرة بالحق النّصْح للجار
تَهْنِئَة الجار تَعْزِيَة الجار مشاركة الجار في المسرات والأفراح
مُواساتهُ في المصائب والأحزان
حقّ الشُّفْعة وحقّ الشّفعة عدَّه بعض
العلماء حقًّا مُلزِمًا
أيْ إذا كنتَ تسْكن في بيتٍ ولك جار في الطابقٍ
نفسه
وأراد الجارٌ أن يبيعَ بيتهُ يجب أن يسألك قبل كلّ شيءٍ
فهو مُلزمٌ
أن يبيعهُ لك بالسّعر الرائج فإذا باعهُ لِغَيرك
يمكن أن تُقيم عليه دعْوى
والقاضي يُلزمُه بِفَسْخ البيع وبيْعِهِ لك
هذا هو حقّ الشّفعة في بعض
المذاهب حقّ مُلْزم
لذا المواصلة بالزيارة والتهادي والعيادة
والمواساة والمعونة وكفّ الأذى واحتمال الأذى
والمناصرة بالحقّ والتّهْنِئة والتّعزِيَة
والمشاركة في المسرات والأفراح والمواساة في
المصائب والأحزان
في القرآن الكريم آيةٌ دقيقة
يقول الله جلّ جلاله
وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى
وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ
وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا
الجار ذي القربى والجار الجنب
مَوْطن الشاهد؛ والجار ذي القربى
وقد انقسمَ
المفسّرون في تفسير والجار ذي القربى
والجار الجنب إلى فريقين؛ الفريق
الأوّل فَهِمَ الجار
ذا القربى هو الجار الأقرب والقريب الملاصق
الآن
الأبنيَة الحديثة في مستوى واحد أنت في شقّة
وهو في شقّة هذا هو الجار
الأقرب والجار ذي القربى
وأما الجار الجنب فهو الذي جانبَكَ
أيْ
ابْتَعَدَ عنك وفي حديث سيَرِدُ بعد قليل
إن أربعين دارًا شرقًا كلّهم جيرانك
وقد نضيفُ وأربعين فوقًا وهذا في
الأبْنِيَة الشاهقة
وفي بعض البلدان وأربعين تحتًا ستّ جهات كلّهم جوار
الاتِّجاه الآخر في معنى الجار ذي القربى
والجار الجُنُب الجار القريب
نسبًا والجار الجُنب؛
الجار غير القريب نسبًا جارٌ وجار أقرب هو المعنى
الأوّل
المعنى الثاني جارٌ قريبٌ نسبًا وجارٌ لا يمدّ لك بِنَسبٍ
على
كلٍّ الله جلّ جلاله والنبي عليه الصلاة والسلام
أوصى بالجار عُمومًا وخصّ الجار المسلم والجار
القريب بِميزَتَين فإذا كان لكل جارٍ حقّ عليه
فللجار المسلم حقّان؛ حقّ الجِوار وحقّ الإسلام والجار
المسلم القريب
ثلاثة حُقوق؛ حقّ الجار وحق الإسلام وحقّ القرابة
في السنّة النبويّة المطهّرة حديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
(( مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ))
علاقات الإرث هي علاقات القرابة
علاقات الإرث هي علاقات القرابة فقط
والنبي
صل الله عليه وسلم يعطيه حقاً يقترب من حق القرابة
أغلبُ الظّن أنّ
القريب تراه في الأسبوع مرّة
وهناك قريب تراه في الشّهر مرّة
ومعظم
الأقارب تراه في العام مرّة؛ في العيد فقط
لكنّ الجار تراه كلّ يومٍ عشر
مرّات خمسين مرّة
فالجار دائمًا أنت وإيّاه في مكان واحد
لذلك لمّا جاء عمرَ بن الخطاب رجلٌ وسألهُ
هل يعرفُك أحد ؟ قال نعم فلان يعرفني فقال
ائتني به، فلما جاء به قال
له هل تعرفهُ ؟ فقال
نعم قال هل جاورْتَهُ ؟ قال لا قال هل سافرتَ
معه ؟
قال لا قال هل حاككْتَهُ بالدّرْهم والدِّينار؟
قال لا فقال
عمر أنت لا تعرفهُ
الجار يعرف عن جاره حق المعرفة
لذلك من الذي يعرفُك حقّ المعرفة؟
جارُك لأنّهُ مطّلِعٌ عليك في مَدْخلك ومخرجك
وفي شأنك كلّه لذلك
مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ
وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ قِيلَ
وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي
لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ
شيءٌ مُخيف نفى عنه الإيمان كليَّةً
بِقَسَمٍ وتَكرار
القسَم مؤَكِّد والتَّكْرار مُؤَكِّد والبوائق جمْعُ
بائقة
الشرور والغوائل ، وفي رواية لمسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ))
كلُّ الذي أُريدُه أنْ يكون واضحاً أن
الإسلام أخلاق
الإسلام قِيَم الإسلام مُثُل الإسلام الْتِزام والبخاري
ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ
يعني من لوازم الإيمان بالله تعالى
وباليوم
الآخر إكرام الجار وإكرام الضَّيف والتّكلم بالحق
والسّكوت عن الباطل هذه أساسيّات أخلاق المسلم
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى
جَارِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ
ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ
كُنَّا في كفّ الأذى وفي النّهي عن الأذى
وفي أن يأْمَنَ جارُه بوائقهُ
والآن إذا كنتَ مؤمنًا بالله واليوم الآخر
عليك
أن تُحْسِن إلى جارك كنّا في المواقف السَّلْبيّة؛
عدم الأذى وعدم
الإقلاق عدم الإزعاج
والآن في المواقف الإيجابية الإحْسان
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ
وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ
صاحبان صديقان شريكان جاران
خيرُ الأصحاب
عند الله خيرهم لصاحبه إذا فقْتَهُ
إذا فقْتَهُ
في الانضباط فأنت أفضلُ منه
إذا فقْتَهُ في العفو فأنت خير منه،
خَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ
نحن نتحدّث عن أقوال النبي عليه الصلاة
والسلام نطْربُ لها
والله الذي لا إله إلا هو لو طبَّق أحدهم بعض
هذه
الأحاديث لطربَ حينما يطبّقها وحينما يشعر
أنَّه وفق السنّة لقطَفَ
ثِمارها شتّان إذا تخيَّلْت
جارًا محسنًا لجاره شعَرْتَ بِنَشْوَة فكيف
إذا أحْسنْتَ فِعلاً؟
المَوْقف العملي أبلغُ بِكَثير من أيّ مَوْقفٍ نظري
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تهادي الطعام بين الجيران يكثر المودة
يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ
هذه سنّة أنْ يتهادى الجيران بعض الطّعام
وهذه تَزيدُ المودّة مودَّةً وتزيدُ العلاقة متانةً
تزيدُ الأخوّة
أخوَّةً تزيدُ الحبّ حبًّا
يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ
قد تقَدِّمُ شيئًا لا يُذْكَر لكن له معنى كبير
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ
لا تحْقرنّ هديَّة تقدِّمها لجارتها ولو
فرْسنَ شاة
وفرْسَن الشاة هو ظفرها أعليهِ لحْمٌ؟ لا
هذا إذا كنت أيّتها
الجارة لا تمْلكينَ غيره
قدِّميهِ لجارتك طبعًا ليس المَقصود تقديم ظفْر
شاة
بل المقصود عدم الاسْتِحياء من إعطاء القليل،فإنّ الحِرْمان أقلّ
منه
السماح للجيران ببعض التصرفات إن كانت لا تؤذي
والنبي عليه الصلاة والسلام يأمرنا
أن
نأْذَنَ لِجِيراننا أن يستخدموا بعض حِيطان بيوتنا
وليس المقصود الآن حائط
البيت
فالبيوت فيما مضى كانت متراكبة
فقد يحتاجُ الجار أن يضعَ خشبةً
على حائط جاره
لكن المقصود أن تبْذلَ له بعض المعونة
وتسْمَحَ له بِبَعض
التّصرفّات إن كانت تنْفعُهُ
ولا تؤذيك فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِلا
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
تقبل الدعوة من الجار الأقرب
إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا
إذا دُعِيَت إلى دَعْوَتَين، فأنت ينبغي أن تؤدّي الأولى زمنًا
المؤمن يُلبّي الأولى إذا أردت أن تهدي جارًا فالأقرب إليك
حق الجار في البيع والشراء
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَيْهِ
أي لا يَبِعْ حقّه في الشِّرْكة أو حقّه في
البيت
إذا كان له جارٌ حتى يستأذن جارهُ أو شريكه وهذا لَعَمْري
لَمِن
أدقّ الحقوق التي بيّنها النبي عليه الصلاة والسلام
الجار في نَظَر الإسلام مُعين ناصِر
حارِس أمين يُطْعمُكَ إذا جُعْت يُهْدي إليك من طبْخه
ولو لم تكُن
جائعًا يُشارك في الأفراح والأتراح
يُواسي ويُعزِّي في المصائب والأحزان،
يُرْشِد
وينصَح يتعاوَن معك على البرّ والتقوى
يعودُك إذا مرِضْت،
يزورُك زيارة الأخوّة الخالصَة
يحْفظُك في أهلك وذريّتِكَ لا يخونك في
مالٍ ولا أهلٍ ولا ولد
كَمْ مِن رجلٍ هَجَرَ بيتهُ ضجرًا من جارهِ ؟
وكم من بيْتٍ بيعَ بنِصْف ثمنهِ ؟
فِرارًا من الجار ذي الأخلاق السيّئة
قصة عبد القادر الجزائري مع جاره
كان في الشام أمير اسمهُ عبد القادر
الجزائري
كان رجلاً عظيمًا كان له جارٌ ضاقَتْ به الدني
واضْطرّ إلى
بيْعِ بيْتِهِ فعَرَضَهُ للبيْع فَدُفِعَ له ثمنٌ بخْس
فانْفَعَل وقال:
والله لا أبيعُ جِوارَ الأمير بهذا المَبْلغ
هناك مَنْ أوْصَلَ هذا الخبَر
إلى هذا الأمير
فاسْتَدْعى جارهُ وأعطاهُ المبلغ كلّه، وقال
ابْقَ جارًا
لي !! إنَّك لا تبيعُ جيرتي بهذا المبلغ، وأنا لا أبيعُك أبدًا
من سعادة المرء أن يعيشَ مع جيرانٍ أفاضل
من مُتَع الحياة الدنيا أن تطمئنّ إلى أنّ الذي إلى جانبك
والذي فوقك،
والذي تحتك يحبّك وتحبّه، يحفظ حرمتَكَ
وتحفظُ حرمتهُ، تحرصُ مالهُ،
وتحرصُ ماله
ويتفقّد أهلك وتتفقّد أهلهُ في غيبَته
نحن نتذوّق القِيَم
الإسلاميّة نظريًا
ولكن والله لو عِشناها لشَعَرنا بِسَعادةٍ لا توصَف
على الوصْف نسْعَد بسماعها، فكيف إذا عِشْناها؟
كيف إذا عِشْنا هذه
القِيَم؟ وكيف إذا كُنّا كما أراد النبي؟
كيف إذا كُنّا كما وجّهنا النبي
عليه الصلاة والسلام؟.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام
مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ قَالُوا حَرَّمَهُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ
فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِه
لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ
يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ
قَالَ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي
السَّرِقَةِ؟
قَالُوا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ
فَهِيَ حَرَامٌ
قَالَ لَأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ
مِنْ عَشْرِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ
مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ
عرّف النبي المؤمن بأنّ نفسهُ في غَناء
والناس منه في راحة هو الإنسان حينما ينحرف
حينما يأخذ ما ليس له يُصبحُ
مع نفسهِ
في حرْب وهذه هي الفِطرة فطرتهُ سليمة
فإذا حادَ عن مبادئها
شعَرَ بِتَأنيب الضّمير
وشعر بما يُسمّى بِعُقدة الذّنب دائمًا في حرْبٍ
مع نفسهِ
فالمؤمن من صفاته أنَّه في غَناءٍ مع نفسه
والناس منه في راحة أيْ علامة المؤمن
أنّ الناسَ يأمنونه ولا يقْلقون منه
لا تأتيهم منه
مُقلقات رجلٌ سلام
رجل محبّة رجل عطاء رجل مسامحة، رجل عفْو
لذلك علامة
المؤمن أنّ الناسَ يأمنونه،
وعلامة المسلم أنّ المسلمون يسْلمون من يده
ولسانه
السلامة غير الأمْن قد تُسالِم فلانً ولا تؤذِيهِ
ولكنّه يخافُ
منك لكنّ علامة الإيمان مرتبةٌ فوق السّلامة
المسلم من سلِم المسلمون من
لسانه ويده
ولكنّ المؤمن مَنْ أمِنَه الناس على أموالهم
وعلى أعراضهم،
عُنْصُرُ الأمْن أبلَغ من عُنْصُر
السّلامة قد تقعُ فريسة القلق وأنت في
سلامة
قد تعيشُ طول حياتك من الأمراض
لكنّك تخاف بعض الأمراض أنت من خوف
المصيبة في مصيبة
الناس قد يسْلمون ولا يأْمَنُون لكن علامة الإيمان
أنّ
الناس يأْمَنُونك لا يسْلمون منك إذا قال قائلٌ
أنا جاوَرْتُ فلانًا
ثلاثين سنة فلَمْ يُقْلِقني إطلاقًا
إذًا سلِمُوا منك ولكنّ المؤمن لا
يُمكن
أن يتوقّع منك الإزعاج فرْقٌ كبير بين السلامة والأمْن
المسلم لا
يؤذي، لكنّ المؤمن يعتقدُ الناس
اعتقادًا جازمًا أنَّه لا يمكن أن يؤذي
ليس هذا من شأنه
ولا من طبيعته وهذا معنى تقول فلان لمْ يسْرق
وفلان ما
كان له أن يسرق ، في العبارة الأولى نفَيْتَ الحَدَث
لكن في العبارة
الثانيَة نفيْتَ الشّأن كلّه .
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى
يُحِبَّ لِجَارِهِ أَوْ قَالَ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
ألا إنّ أربعين دارًا جارًا أربعون جارًا من
أربع جِهات
وهناك عشرة نحو الأعلى أو أقلّ من ذلك
هؤلاء كلّهم جيرانك وأنت مُطالبٌ أن تُحسِن إليهم
وأنْ تكفّ الأذى عنهم، وأن تحْتَمِلَ أذاهم،
وأن تُحْسِنَ إليهم
إذا كنتَ كذلك فنحن في بَحْبوحة
ونحن في خير والله
في عَوْن العبد ما دام العبد في عون أخيه
قال رسول الله صل الله عليه وسلم
من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله
ومن حارب جاره فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله
لأنّك أنت حينما تؤذي الجار أنت تُسْقِطُ
عباداتك كلّها
وتؤكّد للناس أنّ الدِّين كلامٌ فارغ وأنّ الدّين رابطةٌ
واهيَة
الدِّينُ معاملة الدِّين تَضْحيَة الدِّين أمانة
ما قولكم بهذا الحديث الشريف، أخرج الطبراني
خرج رسول اللّه صل اللّه عليه وسلم في غزاة فقال
(( لا يصحبنا اليوم من آذى جاره))
كي نقطف ثِمار الإسلام، بادِرْ أنت اقْطَع
لسان جارك
كيف تقْطعْهُ؟ بالإحسان إليه، بادِرْ أنت السيّئ
بالإحسان يصبحُ
صالحًا فالسيّئ إذا أحْسنْتَ إليه حجَّمْتَهُ
حجَّمته وأربكْتهُ
وأسْكَنْتَ لِسانهُ
سأل النبي عليه الصلاة فقال أتَدْرون ما
حقّ الجار؟
قال إذا استعان بك أعنته وإذا اسْتنْصرَك نصرْتهُ
وإن مرضَ
عُدْتهُ وإن أصابهُ خيرٌ هنَّأتهُ
وإن أصابتهُ مصيبةٌ عزَّيْتهُ وإن مات
شيَّعْتهُ
ولا تستطل عليه بالبناء فتحجُب عنه الرّيح إلا بإذنه
وإن
اشْتريْتَ فاكهةً فأهْدِ له منها، فإن لم تفعل فأدْخِلها سرًّا
ماذا يُقاس على هذا التوجيه؟
إذا أرسلْت مع
ابنك إلى المدرسة فاكهة غاليَة الثّمن أو نادرة
أو قِطع من الحلويّات
غاليَة جدًّا وأكلها أمام زملائِهِ الفقراء
هذا يدخلُ في هذا التوجيه فإذا اشْتريْتَ فاكهةً فأهْدِ له منها
فإن لم تفعل فأدْخِلها سرًّا ولا
يخرج بها ولدك لِيَغيضَ ولدهُ
ولا تؤْذِهِ بِقُتار قدرك، إلا أن تغرف له
منها
هناك عِلاج ذكره النبي عليه الصلاة والسلام
مرَّةً حدّثني رجل كان مقيماً في بلدٍ غربي
في هذا البلد الذي يرتكبُ
مخالفةً في البيع والشّراء
يُعاقبُ بالطريقة التاليَة
يوضَعُ له على باب
محلّه التّجاري لَوْحة كبيرة
بِحُروفٍ بارزةٍ وضّاءة أنّ هذا البائع يغشّ
زبائنهُ
لا يُطالب بِغَرامات ماليّة ولا يُغلقُ محلّه
ولا يُساق إلى
السِّجن إنّما
يوضَعُ له على باب محلّه التّجاري لَوْحة كبيرة
بِحُروفٍ
بارزةٍ وضّاءة أنّ هذا البائع يغشّ زبائنهُ
هذا اسمهُ إسقاط الاعتبار
الاجتماعي