Pages

mercredi 2 janvier 2013

السعادة بثلاث شكر النعمة والصبر على البلاء والتوبة من الذنب



السعادة بثلاث  شكر النعمة والصبر على البلاء 

والتوبة من الذنب
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الله 

سبحانه وتعالى المسؤول
المرجو الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة 

وأن يسبغ عليكم نعمه
ظاهرة وباطنة وأن يجعلكم ممن إذا أنعم عليه 

شكر وإذا ابتلي صبر
وإذا أذنب استغفر فإن هذه الأمور الثلاثة 

عنوان سعادة العبد وعلامة
فلاحه في دنياه وأخراه ولا ينفك عبد عنها 

أبدا فإن العبد دائم التقلب
بين هذه الأطباق الثلاث
الأول  نعم من الله تعالى تترادف عليه فقيدها

 الشكر 
 وهو مبني على ثلاثة أركان
 الاعتراف بها باطنا والتحدث بها ظاهرا وتصريفها في 
مرضاة وليها ومسديها ومعطيها فإذا فعل ذلك فقد شكرها مع تقصيره 
في شكرها
الثاني  محن من الله تعالى يبتليه بها ففرضه فيها 

الصبر  
والصبر حبس النفس عن التسخط بالمقدور 

وحبس اللسان عن الشكوى
وحبس الجوارح عن المعصية كاللطم وشق

 الثياب ونتف الشعر ونحوه
فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة فإذا قام به

 العبد كما ينبغي انقلبت
المحنة في حقه منحة واستحالت البلية عطية

 وصار المكروه محبوبا فإن الله
سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه وإنما ابتلاه ليمتحن

 صبره وعبوديته فإن لله
تعالى على العبد عبودية الضراء وله عبودية عليه

 فيما يكره كما له عبودية
فيما يحب وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون 

والشأن في إعطاء العبودية
في المكاره ففيه تفاوت مراتب العباد وبحسبه 

كانت منازلهم عند الله تعالى
فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية 

ومباشرة زوجته الحسناء التي يحبها
عبودية ونفقته عليها وعلى عياله ونفسه 

عبودية هذا والوضوء بالماء البارد في
شدة البرد عبودية وتركه المعصية التي 

اشتدت دواعي نفسه إليها من غير خوف
من الناس عبودية ونفقته في الضراء عبودية

 ولكن فرق عظيم بين العبودتين
فمن كان عبدا لله في الحالتين قائما بحقه في

 المكروه والمحبوب فذلك الذي تناوله قوله تعالى  
 أليس الله بكاف عبده  وفي القراءة الأخرى 
 عبادة  وهما
سواء لأن المفر مضاف فينعم عموم الجمع فالكفاية 

التامة مع العبودية التامة
والناقصة فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد 

غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه
وهؤلاء هم عباده الذين ليس لعدوه

 عليهم سلطان قال تعالى
 إن عبادي ليس لك عليهم سلطان

 ولما علم عدو الله إبليس أن الله تعالى
لا يسلم عباده إليه ولا يسلطه عليهم قال
 فبعزتك لأغوينهم أجمعين  إلا عبادك منهم المخلصين  

وقال تعالى
 ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا

 فريقا من المؤمنين
وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من 

يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك   فلم يجعل لعدوه سلطانا على عباده المؤمنين 
فإنهم في حرزه وكلاءته وحفظه
وتحت كنفه وإن اغتال عدوه أحدهم كما يغتال 

اللص الرجل الغافل فهذا لا بد منه
لأن العبد قد بلي بالغفلة والشهوة والغضب 

ودخوله على العبد من هذه الأبواب
الثلاثة ولو احتزر العبد ما احتزر فلا بد له

 من غفلة ولا بد له من شهوة ولا بد له من غضب
وقد كان آدم أبو البشر صل الله عليه و سلم 

من أحلم الخلق وأرجحهم عقلا
وأثبتهم ومع هذا فلم يزل به عدو الله حتى

 أوقعه فيه فما الظن بفراشة الحلم
ومن عقله في جنب عقل أبيه كتفلة في بحر ؟

 ولكن عدو الله لا يخلص إلى
المؤمن إلا غيلة على غرة وغفلة فيوقعه ويظن

 أنه لا يستقبل ربه عز و جل
بعدها وأن تلك الوقعة قد اجتاحته وأهلكته 

وفضل الله تعالى ورحمته وعفوه
ومغفرته وراء ذلك كله
فإذا أراد الله بعبده خيرا فتح له من أبواب 

 التوبة 
 والندم والانكسار والذل والافتقار
والاستعانة به وصدق اللجأ إليه ودوام التضرع 

والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من
الحسنات ما تكون تلك السيئة به رحمته

 حتى يقول عدو الله  يا ليتني تركته ولم أوقعه
وهذا معنى قول بعض السلف 

 إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة
يدخل بها النار قالوا  كيف ؟ قال 

 يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقا وجل
ا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالى ناكس

 الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك
الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب

 عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد
وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة
ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه 

ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها
ويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت فيورثه 

من العجب والكبر والفخر والاستطالة
ما يكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى

 بهذا المسكين خيرا ابتلاه بأمر يكسره
به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه 

عنده وإن أراد به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره
وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه
فإن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق

 أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك
والخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك فمن

 أراد الله به خيرا فتح له باب الذل
والانكسار ودوام اللجأ إلى الله تعالى والافتقار 

إليه ورؤية عيوب نفسه وجهلها
وعدوانها ومشاهدة فضل ربه وإحسانه

 ورحمته وجوده وبره وغناه وحمده فالعارف
سائر إلى الله تعالى بين هذين الجناحين

 لا يمكنه أن يسير إلا بهما فمتى فاته
واحد منهما فهو كالطير الذي فقد أحد جناحيه
قال شيخ الإسلام  العارف يسير إلى 

الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب
النفس والعمل وهذا معنى قوله صل الله عليه و سلم 

في الحديث الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه سيد الاستغفار
 أن يقول العبد 
 اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك 
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت
أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك 

علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر
الذنوب إلا أنت  

فجمع في قوله صل الله عليه وسلم أبوء لك بنعمتك علي
وأبوء بذنبي مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد 

والشكر لولي النعم والإحسان
ومطالعة عيب النفس والعمل توجب 

له الذل والانكسار والافتقار والتوبة
في كل وقت وأن لا يرى نفسه إلا مفلسا

 وأقرب باب دخل منه العبد على
الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه

 حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به
ولا وسيلة منه يمن بها بل يدخل على الله تعالى 

من باب الافتقار الصرف
والافلاس المحض دخول من كسر الفقر 

والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك
الكسرة إلى سويدائه فانصدع وشملته الكسرة 

من كل جهاته وشهد ضرورته
إلى ربه عز و جل وكمال فاقته وفقره إليه

 وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة
والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة إلى 

ربه تبارك وتعالى وأنه إن تخلى عنه طرفة
عين هلك وخسر خسارة لا تجبر إلا أن يعود الله تعالى 

عليه ويتداركه برحمته
ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية ولا حجاب

 أغلظ من الدعوى والعبودية مدارها
على قاعدتين هما أصلها  حب كامل وذل تام

 ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك
الأصلي المتقدمين وهما مشاهدة المنة

 التي تورث المحبة ومطالعة عيب
النفس والعمل التي تورث الذل التام وإذا 

كان العبد قد بنى سلوكه إلى الله تعالى
على هذين الأصلين لم يظفر عدوه به إلا على 

غره وغيلة وما أسرع ما ينعشه
الله عز و جل ويجبره ويتداركه برحمته

 .. انتهى كلامه رحمه الله
نسأل الله أن يرحمنا وينفعنا بما علمنا
وصل الله على نبينا وسلم تسليما
كثيرا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire